أكسجين و هيدروجين

كوميدين يقول بمعناه العلماء دبش.. الماء يعرفون مكوناته و للان ما هم قادرين يصنعونه..  بمنشور هذا الأسبوع قصة فيدكس و نمو كوريا الفالحة..  قراءة ممتعة و انشروا افكاركم حتى لو كانت غبية و متواضعة و حومة كبد..

فريدريك والاس سميث الذي ولد في مدينة مارك بولاية المسيسيبي  1944 من أبوين أمريكيين، التحق بجامعة ييل – Yale University – في عام 1962، حيث طلب منه أستاذ مادة الاقتصاد أن يقدم ورقة تشتمل على طرح فكرة اقتصادية قابلة للتطبيق ومربحة، لكن أستاذه لم يقتنع بالفكرة ما جعله ينتهي في المادة بدرجة متدنية، لكن فريد سميث كان مقتنعاً بها ما جعله يحتفظ بها لتنفيذها في خطة متكاملة كانت بداية نجاحه في شركة FedEx فيدكس المعروفة عالمياً والتي تعد اليوم من أكبر شركات نقل المستندات والطرود حول العالم. 

كانت أحلام وطموحات فريد سميث كبيرة لا تنتهي عند حد معين، فهي متجددة ومحفزة تدفعه نحو الأفضل، وكان سريع المبادرات والتنفيذ، فهو لا يعتقد كثيراً في التخطيط الطويل الأجل لأنه يعتقد أنه يضيع الفرص. وهذه عقلية وفلسفة معظم الناجحين من الرياديين الذين يقتنصون الفرص ويحصدونها قبل غيرهم، لقد اهتم كثيراً بالمتاجرة في الطائرات الصغيرة المستعملة بالإضافة إلى محركاتها، حيث حقق منها رأس مال ساعده في ما بعد على تأسيس شركته العملاقة – FedEx – التي بدأها برأس مال متواضع دعمه بقرض من أحد البنوك ما ساعده على التوسع في خدمته ليشمل دول كثيرة، واليوم تقدر ثروة شركة – FedEx – بحوالي 5.6 مليار دولار.

لقد ساهمت البيئة الأمريكية سواء الأسرية أو الجامعية أو الاجتماعية في بروز فريد سميث وغيره من رواد النهضة الاقتصادية الأمريكية التي أخرجت للعالم التكنولوجيا المتقدمة والمعرفة ووسائل الاتصالات المتقدمة التي قربت المسافة بين دول العالم، كما أن خدمة فريد سميث السابقة في الجيش الأمريكي أكسبته خبرة ساعدته في مجال الاعمال. ويبقى سؤال أطرحه اليوم ويمكن للقارئ العزيز الإجابة عليه.. هل يولد العصاميون أم يصنعون بعد ولادتهم.. قد تكون إجاباتكم متفاوتة، لكن لا صح أو خطأ لأن الإجابة نسبية ولكل مجتهد نصيب.


– بعد أن كانت كوريا الجنوبية من الدول الفقيرة والتي عانت من دمار شبه كلي مسّ جميع الجوانب جراء الاحتلال الياباني والذي تلاه نشوب الحرب مع كوريا الشمالية، ما أسفر عن خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة عجز الميزان التجاري ها هي اليوم في صدارة الدول المتقدمة.

– حيث استطاعت في فترة لم تتجاوز ثلاثون سنة أن تحقق نمو اقتصادي سريع وأن ينافس اقتصادها أكبر القوى الاقتصادية في العالم.

– وبالرغم من العديد من العقبات التي واجهت كوريا الجنوبية من كثافة سكانية كبيرة، وفقر، وبطالة مرتفعة، استطاعت أن تحدث بنيتها الصناعية.

– وحولت نفسها من دولة زراعية فقيرة إلى دولة رائدة عالمية في العديد من الصناعات المتقدمة، بما في ذلك الإلكترونيات، والسيارات، والصلب، والآلات، والبتروكيماويات.

– واليوم، تُعد كوريا إحدى دول مجموعة العشرين التي تقود الاقتصاد العالمي، ونموذجًا ناجحا على جميع الأصعدة، الاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية والسياسية.

– وإلى جانب التنمية الاقتصادية، فإن كوريا واحدة من الدول الآسيوية القليلة التي حققت الديمقراطية ووسعت نفوذها الثقافي في جميع أنحاء العالم.

– ناهيك أيضا عن ترتيبها ضمن أحسن الدول في أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وهي مصنفة ضمن الدول ذات الدخل المرتفع، ما أدى إلى مستويات معيشة جيدة.

– حاول الباحثون تحديد عوامل نجاح كوريا استنادا إلى النظريات القائمة، إلا أنهم لم يتمكنوا من تفسير النمو “المعجزة” في كوريا بشكل شامل.

– وفي تحليل القدرة التنافسية، تركز النظريات الغربية بشكل خاص على عوامل مثل التكنولوجيات المتقدمة كمصدر للنمو في البلدان المتقدمة والعمالة الرخيصة في البلدان النامية.

– ومع ذلك، فإن ما لا تستطيع النظريات الحالية تفسيره هو سبب تحقيق بعض البلدان نموًا أكبر أو أسرع مقارنة بنظيراتها التي لديها ظروف عوامل مماثلة.

– وهنا يوفر نموذج النمو ABCD الذي تم تقديمه في هذا التقرير إطارًا تحليليًا واضحًا يجيب على هذا السؤال الأساسي.

– وتشكل عوامل نموذج النمو (ABCD) ــ الرشاقة، والمقارنة المعيارية، والتقارب، والتفاني ــ الركائز الأساسية التي نسجت القدرة التنافسية الحالية لكوريا.

– ورغم أن نموذج النمو تم إنشاؤه في الأصل لتحديد العوامل التي ساهمت في النجاح الاقتصادي لكوريا، إلا أنه يمكن تطبيق النموذج أيضا على بلدان أخرى.

– وهو بمثابة دليل للنمو الناجح في البلدان النامية وكإطار استراتيجي للبلدان المتقدمة التي تفقد قدرتها التنافسية.

نموذج النمو (ABCD)

– كثيرا ما يسيء الناس فهم العوامل الأساسية التي ساهمت في النمو الاقتصادي في كوريا، والعوامل المذكورة بشكل شائع هي العمالة الرخيصة، وسياسات تشجيع الصادرات، ومع ذلك فإن هذه ليست صحيحة تماما لأنه لم تتمكن كل البلدان التي لديها مثل هذه العوامل من تحقيق النمو الاقتصادي.

– فيما يلي نكشف عن استراتيجية كوريا لنجاحها الاقتصادي، باستخدام نموذج النمو (ABCD) الذي تم إنشاؤه حديثًا، والذي يتكون من أربعة عوامل رئيسية وهي: الرشاقة، والمقارنة المعيارية، والتقارب، والتفاني.

استراتيجية كوريا لنجاحها الاقتصادي
الرشاقة: سرعة الإنجاز مع الدقة لزيادة الإنتاجية أولاً، كانت الإنتاجية العالية، أو الرشاقة التي تنطوي على توازن جيد بين السرعة والدقة، مكملة للعمالة الرخيصة.

إن ما جعل شركات البناء الكورية قادرة على الفوز بمشاريع تجارية واسعة النطاق في الشرق الأوسط على شركات أخرى من بلدان أكثر تقدما خلال السبعينيات والثمانينيات لم يكن مجرد العمالة الرخيصة (فبلدان أخرى مثل مصر وإثيوبيا وسريلانكا كانت لديها عمالة أرخص)، ولكن قدرتها على إكمال المشاريع مع الحفاظ على مستوى جيد من الجودة (أي الدقة).

ومع رغبة دول الشرق الأوسط في تطوير بنيتها التحتية واقتصاداتها بسرعة، فقد انجذبت إلى الشركات الكورية رشيقة الأداء.

 

المقارنة المعيارية: تعلم أفضل الممارسات للحاق بالركب بكفاءة. في حين قامت كوريا بتيسير صادرات البلاد لتوسيع السوق، ركزت أيضًا على تعلم أفضل الممارسات وفقا للمعايير العالمية وتحقيق وفورات الحجم.

وانتهجت أفضل الممارسات التي أثبتت جدواها وهي بمثابة نهج فعال من حيث الوقت بالنسبة للشركات الكورية للحاق بركب المنافسين الدوليين الآخرين والتنافس معهم.

إن المقارنة بين أفضل الممارسات العالمية تشكل جانباً مهماً وإيجابياً في سياسة ترويج الصادرات مقارنة بسياسة إحلال الواردات.

وقد تخسر الشركات قدرتها التنافسية في ظل سياسة إحلال الواردات التي تركز فقط على الطلب المحلي في حين تهمل الأسواق الدولية والمعايير العالمية.

وبالإضافة إلى ذلك، لن تتمكن الشركات من تحقيق وفورات الحجم عندما تخدم السوق المحلية فقط.

 

التقارب: الجمع بين نقاط القوى بشكل تآزري لخلق مزايا جديدة لا شك أن الكوريين بذلوا جهدا كبيرا بسبب التوجيه الحكومي القوي، ولكن الأهم من ذلك أنه كان مصحوبا بالإلهام والممارسات الإنتاجية الأخرى (أي التقارب).

والعمال الكوريون بارعون في الجمع بين أفضل ممارسات الغرب واليابان وبين نقاط قوتهم، الأمر الذي أدى إلى توليد قدر كبير من التقارب.

ومع ذلك، مع تقدم اقتصاد أي بلد، فإنه غالبًا ما يضيف ممارساته الخاص، مما يعزز القدرة التنافسية.

وتشكل شركات التشايبول الكورية (التكتلات الكورية) أمثلة جيدة لإنتاج منتجات منخفضة التكلفة، ولكنها تطورت تدريجياً إلى أطراف فاعلة عالميًا تبيع منتجات مبتكرة ومتميزة.

 

التفاني: المثابرة مع التوجه نحو الهدف لقوة الالتزام عمل الكوريون بجد، ولكن الأهم من ذلك، برغبة قوية في حياة أفضل، ويرتبط هذا العامل بالأخلاق الكونفوشيوسية.

إذ تضع الكونفوشيوسية مسؤولية وموثوقية القادة على رأس نظام قيمها، فضلاً عن الاجتهاد والتوجه القوي نحو تحقيق النجاح.

وقد ساعد التركيز القوي على التفاني كوريا على تعزيز وتسريع عملية التنمية الاقتصادية.

 

التغلب على الصعوبات وخلق مزايا جديدة

– لقد توصلت كوريا إلى تطوير نماذج النمو الخاصة بها حيث تغلبت على التحدي تلو الأخر، وكان على الكوريين أن يعملوا بجد أكبر للبقاء على قيد الحياة في ظروفهم الصعبة، وفي نهاية المطاف، كانت المصاعب التي واجهها الكوريون بمثابة نعمة مقنعة في طريقهم نحو تنمية اقتصادية ناجحة وطويلة الأجل.

– ومع تحول كوريا إلى اقتصاد أكثر تقدماً واحتياجها إلى حلول أكثر تطوراً لمشاكل معقدة، فإن نموذج النمو قد يخدم كأداة مفيدة في توجيه المسار المناسب إلى الأمام.

التحديات المستقبلية

– بينما تواجه كوريا الجنوبية أزمة ديمغرافية وشيكة حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع نسب الشيخوخة وانخفاض كبير في عدد السكان في سن العمل وتراجع بالناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 فإن تقلص قوة العمل يفرض تحديات كبيرة أمام دعم النمو الاقتصادي، ويسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة القضايا الإنتاجية والديمغرافية.

– والخبر السار هو أن كوريا سوف تكون قادرة على تحقيق النمو المستمر من خلال إعادة تبني النموذج الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم مرة أخرى.

– كانت كوريا واحدة من أفقر دول العالم قبل نصف قرن تقريبا، ولم يكن تطورها السريع ليتحقق لولا مساعدة الدول المتقدمة.

– والآن، باعتبارها دولة قادرة على مساعدة أولئك الذين يمرون بتحديات تنموية، يتعين على كوريا أن تنقل خبرتها ومعرفتها إلى البلدان النامية الأخرى.