عناوين المنشور: الاستثمارات الخاملة .. هل تكون الحل الأمثل للتعامل مع السوق – مراجعة كتاب .. ما وراء المال: استراتيجية ما بعد الرأسمالية – دروس من جزيرة صغيرة .. كيف تسعى موريشيوس لأن تصبح سنغافورة إفريقيا – هل يمكن أن يكون الركود الاقتصادي فرصة لبعض الشركات للازدهار – صراع المعروض والجودة .. مزاج متقلب للقهوة بالأسواق العالمية – التَنَوُّع والشمول وإنهاء الاستعمار الفكري .. ما الأدوات اللازمة لتحسين عملية التدريس والبحث والمنح الدراسية – ما هو التقشف وهل تُعد إجراءاته الاقتصادية مُجدية – مراجعة كتاب: التقشف .. تاريخ فكرة خطرة تمثل إحدى أدوات الرأسمالية – لماذ يحتفظ المستهلكون حاليا بجوالاتهم دون تغيير لفترات أطول وهل للجوالات تاريخ صلاحية
الاستثمارات الخاملة .. هل تكون الحل الأمثل للتعامل مع السوق
في ظل تراجع أسواق الأسهم بدأ خبراء الاستثمار ومحللو السوق في إعادة ترتيب أوراقهم لمعرفة ما الذي يحدث وكيف يمكن مواجهته. في خضم تلك المراجعة بدأ البعض يتحدث عن الاستثمارات الخاملة السلبية وهل تمثل الحل المثالي لمواجهة ما يعرف بظاهرة توقيت السوق التي أثبتت عدم جدواها في ظل تقلب بيئة الاقتصاد الكلي والضغوط الناجمة عن عوامل خارجية كالحرب الروسية الأوكرانية وما كان لها من تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الأسواق وفئات الأصول.
الاستثمارات الخاملة بالطبع لها مؤيدوها، لكن الاستثمار النشط ما زالت له الكلمة العليا في شتى أسواق العالم باعتبار أنه أكثر انكشافا على المخاطرة، وبالتالي يتمتع بفرصة أعلى في تحقيق العوائد، إلا أن بعض المخضرمين في مجال الاستثمارات الخاملة يقولون إن ذلك النوع من الاستثمار يبدو أكثر قدرة على مواجهة التقلبات الحالية في السوق والتي باتت غير متوقعة.
وجهة نظر منذ نصف قرن
من بين هؤلاء بيرتون مالكيل الخبير الاقتصادي المخضرم البالغ من العمر 90 عاما والذي يقول إن الاستثمار في محتوى المؤشرات يتفوق على أشكال الاستثمار الأخرى، ذلك لأنه من الصعب على أي فرد التفوق على السوق من وجهة نظره.
مالكيل مؤلف أحد أكثر الكتب الاقتصادية رواجا وهو المشي العشوائي في وول ستريت أو A Random Walk Down Wall Street والمنشور منذ عام 1973 كان من بين أوائل من دعوا إلى الابتكار نيابة عن المستثمر الصغير. وذكر في كتابه الذي يمثل مرجعا مهما للمستثمرين ما نحتاجه، صندوق استثمار مشترك، بحد أدنى من مصاريف الإدارة، يشتري ببساطة مئات الأسهم التي تشمل متوسطات سوق الأسهم ككل ولا يقوم بالتداول من ورقة مالية إلى ورقة مالية في محاولة للإمساك بالأوراق الرابحة.
قد يكون من الصعب تصديق أن الاستثمار في المؤشرات لم يكن متاحا بسهولة للمدخر العادي في تلك الأيام.
لكن الدكتور مالكيل كان مقتنعا بأن الإدارة النشطة للاستثمارات لا يمكنها أن تتغلب باستمرار على الاستثمار الخامل في مؤشر. وفي عام 1976، قدمت شركة فانغارد للاستثمار نفس نوع التمويل الذي دعا إليه. واليوم يبلغ مجموع الأصول التي تتبع المؤشرات تريليونات الدولارات، وباتت صناديق المؤشرات، حسب قوله، تمثل أكثر من 40% من إجمالي الاستثمار في الصناديق المشتركة وصناديق المؤشرات المتداولة.
لا يزال الدكتور مالكيل يقول إن الاستثمار في المؤشرات له الأفضلية، ولديه بيانات إضافية عمرها نصف قرن لدعم نظريته، وهو ما قدمه في طبعة الذكرى الخمسين لكتابه التي ستُنشر في يناير 2023. وقام مالكيل بتحديث الطبعة الجديدة من كتابه لتضم العديد من الابتكارات المالية من الصناديق المتداولة إلى الإيثريوم منذ نشره في المرة الأولى.
يضم كتاب مالكيل بعض أسوأ حالات الهوس الاستثماري وكوارثه، ويشير إلى أن أسعار الأسهم أحيانا ما ينتابها الجنون للتحرك بشكل مبالغ به في كلا الاتجاهين صعودا ونزولا، مشيرا إلى أن المشكلة في رأيه تتمثل في أنه لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كانت الأسعار مرتفعة أو منخفضة للغاية، وأنه حتى في بعض أسوأ الفقاعات في السوق، قال البعض إن الأسعار منطقية.
يقول مالكيل أيضا إن الدافع وراء نظرته للأسواق يكمن في أنه لا توجد فرص للمراجحة في الأسواق، وبالتالي ما من وسيلة سهلة لكسب المال دون تحمل قدر كبير من المخاطرة. والنتيجة هي أنه أصبح من الصعب للغاية أن يتغلب أي مستثمر على السوق، مشيرا إلى حفنة فحسب من الاستثناءات في تاريخ الأسواق والذين تمكنوا بشكل مستمر من التفوق على السوق لكنهم أيضا قالوا وكرروا أكثر من مرة أنه يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بما سينجح في المستقبل.
بافيت ونظرته للاستثمارات الخاملة
يقول مالكليل إن من بين أولئك الذين حققوا نجاحا استثنائيا في الاستثمار النشط رجل الأعمال الأمريكي الشهير وارن بافيت، لكنه يُذكر بأن بافيت نفسه أوصى بالاستثمار في المؤشرات.
وأشاد بافيت بمزايا صناديق المؤشرات للمستثمرين العاديين على الرغم من كونه واحداً من أنجح المستثمرين النشطين في سوق الأسهم على الإطلاق وأشار إلى أنه لا يعتقد أن معظم مديري الاستثمار النشط يمكنهم التفوق على السوق الأوسع.
وكتب بافيت في الخطاب السنوي للمساهمين في شركته التابعة بيركشاير هاثاواي في 2014 أن نصيحته للأمناء على استثمار ممتلكاته هي وضع 10% من النقد في سندات حكومية قصيرة الأجل، و90% في صندوق مؤشرات منخفض التكلفة يتتبع أداء مؤشر إس آند بي 500.
وكتب أعتقد أن النتائج الطويلة الأجل التي ستتحقق من تلك السياسة ستكون أفضل من تلك التي يحققها معظم المستثمرين، سواء كانت صناديق معاشات تقاعد أو مؤسسات أو للأفراد، والذين يوظفون مديرين يتقاضون رسوما مرتفعة.
يضيف مالكيل أن كل عام يسجل نحو ثلثي مديري الاستثمارات النشطة أداءً دون المؤشر بشكل عام، كما أن الثلث ممن تفوقوا على أداء المؤشر في عام واحد سيختلفون عمن سيتفوقون في العام التالي وبالتالي فهم يفقدون مركزهم ليحل آخرون محلهم. ويسوق مثالا بأداة مقارنة من ابتكار ستاندرد آند بورز يطلق عليها سبيفا يقارنون فيها مؤشرات إس آند بي مع المديرين النشطين للاستثمارات، وتكشف المقارنة أنه خلال فترة عشر سنوات تفوق المؤشر على ما يقرب من 90% من صناديق الأسهم المحلية على سبيل المثال.
لا يقطع مالكيل باللجوء المنفرد إلى الاستثمار الخامل، ويقول إن الاستثمار النشط يمكن أن يحتل جزءا من محفظة المستثمر لكن بقدر محدود، ويوصي وبشدة أن يتم استثمار مدخرات التقاعد على وجه الخصوص في صناديق المؤشرات وغيرها لكونها الأداة الأكثر أمانا لمثل ذلك النوع من الاستثمارات.
بالطبع تواجه دعوات مالكيل العديد من الانتقادات من بينها التكلفة الاجتماعية لتتبع المؤشرات، خاصة أن ذلك النوع من الأنشطة يتخلص من التكاليف المرتفعة للأنشطة البحثية وأنشطة تحديد أسعار الأسهم التي يتحملها المستثمرون النشطون، ويرى البعض أنه إذا لجأ الجميع إلى الاستثمار الخامل فلن تكون هناك أسواق للأسهم من الأساس فيما ستتوقف عمليات تخصيص رأس المال بل إنهم يرونها مثالا غير عادل لأنه يوزع التميز والرداءة في الأداء على الجميع دون استثناء.
لكن مالكيل يقول إنه ليست هناك الكثير من أنشطة تتبع المؤشرات، بل على العكس فإن السوق تزخر بالإدارة النشطة للاستثمارات، وإنه من وجهة نظره فإن السوق ستعمل بشكل جيد إذا شكلت الإدارة النشطة للاستثمارات نسبة تتراوح بين اثنين وثلاثة بالمائة فقط من الاستثمارات في السوق مع ضمان أن المعلومات تنعكس بشكل سليم على الأسعار.
يرى محللون أيضا أن الاستثمار الخامل يتميز بانخفاض التكاليف مما يمنحه مزايا في مواجهة الاستثمار النشط، فقد كشفت بيانات حديثة من إس آند بي داو جونز للمؤشرات أن المستثمرين قاموا بتوفير ما يزيد على 400 مليار دولار من الرسوم من خلال الاستثمار في صناديق المؤشرات على مدى ربع القرن المنصرم.
يقول خبراء إنه بالنظر إلى الكيفية التي لم يحقق بها بعض المستثمرين النشطين البارزين الأداء المأمول في السوق مؤخرا، فإنه بات ثمة جدوى في الاستماع للمستثمرين المحافظين الذين يفضلون في الأجل الطويل الاستثمار في المؤشر إس آند بي 500 على عدد من الأسهم.
ويسوق أولئك الخبراء الأمثلة على ذلك بمصير كاثي وود من شركة آرك التي قامت باستثمارات ضخمة في شركات مثل تسلا وزووم وروكو وتيلدوك. وانخفض مؤشر آي تي إف الرائد التابع لشركة آرك 60% منذ بداية العام الجاري مقارنة بانخفاض نحو 20% فقط منذ بداية العام لمؤشر إس آند بي 500.
إحصاءات مؤيدة
تشير الإحصاءات الصادرة مؤخرا إلى أن مديري الاستثمارات النشطة أخفقوا في التفوق على نظرائهم في الاستثمارات الخاملة في عام حتى يونيو 2022. وكشف مقياس مورنينج ستار الأوروبي لأنشطة الاستثمار النشطة والخاملة أن العوامل المعاكسة أدت إلى تقلب كل من الأسهم والسندات الأوروبية عبر أسواق الصناديق.
ويتتبع المقياس أداء الصناديق النشطة التي مقرها أوروبا مقابل الصناديق الخاملة، ويغطي 30 ألف صندوق نشط وخامل في أوروبا تدير أصولا بنحو 7 تريليونات يورو، وكشف أن 35 بالمائة فقط من الصناديق التي تنشط في الاستثمار في 43 فئة من فئات الأسهم نجحت في التفوق على نظيرتها الخاملة في تلك الفترة.
وواجهت الأسواق المالية في النصف الأول من 2022 العديد من العوامل المعاكسة مع التوتر في أسواق الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا مما أدى لارتفاع التضخم. وشهدت أسواق الأسهم والسندات انخفاضات كبيرة.
وخلصت مورنينج ستار إلى أن سبع فئات فقط من الأسهم أظهرت معدل نجاح لمديري الاستثمارات النشطة يزيد على 50%. وكان متوسط معدل النجاح لمديري الاستثمار النشط في أصول الدخل الثابت في 23 فئة أعلى بقليل فحسب من 40%. وأظهرت سبع فئات معدل نجاح يزيد على 50% في عام واحد.
وقالت مورنينج ستار إن معدل النجاح طويل الأجل لمديري الاستثمارات النشطة ظل منخفضا بصفة عامة، إذ بلغ متوسط معدل النجاح لمديري الاستثمارات النشطة في الأسهم على مدى السنوات العشر الماضية 24%، بينما بلغ معدل النجاح لمديري الاستثمارات النشطة في أدوات الدخل الثابت 21%.
وعلى مدى عشر سنوات تنتهي في يونيو 2022، بلغ معدل نجاح مديري الاستثمارات النشطة أقل من 25% في أكثر من نصف 72 فئة استثمار شملها المسح في شتى فئات الأصول.
قالت مورنينج ستار إن معدلات الاستمرار كانت مرتبطة بفرص النجاح، وإن الصناديق الخاملة كانت لديها فرص أفضل للاستمرار في الأجل الطويل مقارنة مع الصناديق النشطة.
ويقول بريان أرمور مدير أبحاث استراتيجيات الاستثمار الخاملة لأمريكا الشمالية لدى مورنينج ستار إن الصناديق المدارة بنشاط فشلت في البقاء وتجاوز المؤشرات القياسية، خاصة على مدى آفاق زمنية أطول، وأشار إلى أن صندوقا واحدا فقط من بين كل أربعة صناديق نشطة تفوق على المؤشرات الخاملة على مدى السنوات العشر المنتهية في يونيو.
مراجعة كتاب .. ما وراء المال: استراتيجية ما بعد الرأسمالية
في كتاب ما وراء المال: إستراتيجية ما بعد الرأسمالية، تؤيد أنيترا نيلسون -الخبيرة الاقتصادية والسياسية الأسترالية- فكرة إلغاء المال لتحقيق مستقبل جديد لما بعد الرأسمالية وتسلّط الضوء على كيفية تنظيم المجتمعات التي لا تتعامل بالمال في الحياة اليومية. كذلك يشجع هذا الكتاب الملهم على التفكير في السبب الذي يجعل تخيل نهاية العالم أسهل من تخيل نفاذ المال.
يركز الكتاب على سؤالين أساسيين مترابطين، أولهما: لماذا يجب علينا أن نفكر في تنظيم المجتمعات بدون نقود من الأساس ثانيًا: حتى لو أخذنا فكرة المجتمعات الخالية من المال على محمل الجد، فكيف سيتم تنظيم الحياة اليومية في هذه المجتمعات
– تجيب نيلسون على كلا السؤالين بإيجاز ووضوح بقولها: نحن بحاجة إلى التخلي عن المال لكي نتعامل بفاعلية مع قضايا عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المثيرة للانقسام وعدم استدامة الكوكب.
– وتوضح الكاتبة أن المال يخلق حالة من عدم المساواة. مبرهنة على ذلك بأن دولًا مثل الاتحاد السوفيتي وكوبا والصين في القرن العشرين لم تقدم الصورة المثالية للاشتراكية، بل كانت محكومة بالنخب التي استمرت في الإنتاج للسوق، حتى لو كان ذلك بطرق معدلة وتخضع لتخطيط الدولة، ومن ثمَّ، ظل المال أداة للسيطرة، حتى في هذه الدول الشيوعية اسمًا.
– أما في المجتمعات الرأسمالية، يعتبر العقد الاجتماعي للمواطن مع الدولة الرأسمالية عقدًا نقديًا بالأساس. وتنشأ توترات قوية لأنه على الرغم من أن الحكومة الوطنية غالبًا ما يُنظر إليها على أنها بعيدة عن السوق، إلا أنها في الواقع جزء منه.
– أما بالنسبة للسؤال: كيف سيبدو المجتمع بدون مال فتجيب نيلسون عليه في الفصل الثالث، توضح نيلسون الفكرة بقولها: أنه بدلاً من مسميات القيمة التبادلية والمال القديمة والمجردة، فإنه في مجتمع اللانقود نتصور العالم باستخدام القيّم الحقيقية، والتي تتجاوز المعاني النفعية البسيطة لـ قيمة الاستخدام لتشمل كل تلك الصفات والكميات البيئية والاجتماعية التي تشكل احتياجات كل من الناس والكوكب.
– رغم أن فكرة إلغاء استخدام النقود قد تبدو فكرة مستحيلة وغير عملية، فإن الاقتراحات القائلة بأن المال يمكن أن يكون قوة للتغيير الاجتماعي التدريجي هي بلا معنى أيضًا.
– تقول نيلسون، لماذا نملك مالًا لا يؤدي وظيفة المال كما نعرفه إذا كانت الممارسات الرأسمالية والتبادل غير المتكافئ من الخصائص الأساسية للمال، فإن الاستنتاج المنطقي هو إلغاء المال تماما.
– وتسلط نيلسون الضوء على الوهم الذي يروجه العديد من المنظّرين اليساريين المشهورين بأن دور المال في المجتمع الرأسمالي يمكن إصلاحه لخلق مجتمع أكثر اشتراكية. وتشير إلى أن كتاب ما بعد الرأسمالية لهورنبرج يحتفظ بالعمل المأجور ورجال الأعمال والضرائب والخدمات المصرفية.
– تبدو نيلسون إلى حد ما أكثر تعاطفًا مع أعمال ماركس، حيث تقيّم بمهارة روابط بين تحليلات النسوية الإيكولوجية للطبيعة والعمل غير المأجور للنساء (والرجال) في جميع المجتمعات المعاصرة.
– وتوضح هذه النقطة من خلال استعارة اقتصاد الجبل الجليدي لماريا ميس: يخفي طرف الجبل الجليدي الكتلة الأكبر من المساهمات غير المحسوبة في القيمة التي تقدمها الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر، وعمل فلاحي الكفاف، والعمل المنجز في ظل الظروف المستعمرة وإنتاج الطبيعة.
– ومن السمات البارزة للكتاب تغطية نيلسون الواسعة للعديد من الموضوعات المهملة وقدرتها على إقامة روابط بين التأثير السلبي لثقافة المال وكل شيء آخر تقريبًا.
– وفي النهاية فإن إنجاز نيلسون الفريد في هذا الكتاب هو إقامة روابط بين المجرد والمادي وبين المحلي والعالمي، والبحث عن المجتمعات التي نادرًا ما تُسمع أصواتها.
لماذا يُحب القادةُ الناجحون طرحَ الأسئلة دوماً
كتبت بيا لوريتزن، وهي مستشارة للمسؤولين التنفيذيين وأحد مؤسسي شركة كيوفست Qvest، مقالاً تتحدث فيه عن خبراتها في مساعدة قادة الأعمال والموظفين على تطوير مهارة طرح الأسئلة.
وتقول لوريتزن إنه باتت لدي عادة تتمثل في دعوة الناس عند تقديم عروض خاصة بها إلى كتابة أسئلة. وهي تطلب منهم أن يتبعوا قاعدتين: أولهما أن يكون السؤال له علاقة بالسياق، وثانيهما أن يكون مهماً بالنسبة للسائل أن يحصل على إجابة لسؤاله.
وعندما سألتهم هل من الصعب طرح أسئلة في موقف لا يعرفون فيه ما سيحدث بعدها أجاب معظمهم بالإيجاب لأن هذا التمرين أجبرهم على التفكير فيما هو مهم بالنسبة لهم، وأخذ مواقف الآخرين في عين الاعتبار، والتفكير فيما سيطرحونه من أسئلة في سياق الهدف المشترك للمجموعة.
وبعد المرور بهذه التجربة، أصبح الحضور على دراية بالأسباب التي تجعل القادة الناجين يحبون الأسئلة. إن طرح الأسئلة، والاستماع إلى أسئلة الآخرين والإجابة عليها هو ما يجعلهم قادة ناجحين.
ويستعرض التقرير ست أفكار مستقاة من مفكرين عظماء بشأن استغلال قوة الأسئلة لمساعدة القادة في اتخاذ قرارات أفضل، وأن يكونوا أكثر تعاطفاً تجاه الآخرين، وأن يركزوا أكثر على أهدافهم.
1- الإنسان فقط هو من يطرح الأسئلة
– يقول إروين شتراوس، طبيب الأعصاب: لا يمكن تعليم مهارة طرح الأسئلة. تتولد القدرة على طرح الأسئلة في مرحلة مبكرة من عمر الطفل. نحن قادرون على طرح الأسئلة لأننا كائنات مفكرة تميل إلى التساؤل بطبيعتها.
– في مقال له بعنوان الإنسان كائن متسائل، يضع شتراوس حُججاً قويةً لفهم الإنسان بصفته حيوان متسائل.
– إن ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية هي فضوله ورغبته المتواصلة في زيادة معرفته وهو يفعل ذلك عن طريق طرح الأسئلة.
2- التساؤل يجعلنا أكثر قدرة على حل المشكلات
– بعد دعوة القادة إلى طرح سؤال، أسألهم أين يتوقعون إيجاد الإجابة، وامنحهم ثلاثة خيارات: في أنفسهم، أم في الآخرين، أم عن طريق إجراء بحث وطرح مزيد من الأسئلة.
– يختار معظم القادة الخيار الأول أو الثاني، وهو ما يشير إلى أنهم يريدون إجابات فورية.
– وفقاً لألبرت أينشتاين، لا ينبغي أن يكون الهدف من وراء طرح الأسئلة هو الوصول إلى إجابات، بل حل المشكلات. ولكي نحل معضلات عالمنا الغامض، يجب أن يقاوم القادة إغراء التعجل في الوصول إلى إجابة.
– يُزعم أن أينشتاين قال: إذا كان لدي ساعة واحدة لحل مشكلة، سأقضي الـ 55 دقيقة الأولى في محاولة تحديد السؤال المناسب، لأنني بمجرد طرح السؤال الصحيح، سأتمكن من حل المشكلة في أقل من 5 دقائق.
3- الأسئلة هي بيانات
– في كتاب الإنسان كائن متسائل، كتب شتراوس: إن الأسئلة كاشفة مثل الأحلام، أو أكثر. ولأن اختيارهم يعتمد على الظروف الثقافية، والاجتماعية، والتاريخية، يمكن أن يمنحنا مخزون الأسئلة التي حركت شخصاً، أو أمة، أو عصراً فهماً تاريخياً عميقاً.
– يعني هذا الكلام أن الأسئلة هي، في الحقيقة، بيانات. وينبغي على القادة، الذين يريدون الاستفادة من هذه البيانات، أن يقللوا تركيزهم على إجابة أسئلة الآخرين بأنفسهم، وأن يركزوا أكثر على تسهيل مهمة الحضور -موظفيهم- في مساعدة بعضهم بعضاً على إجابة الأسئلة بأنفسهم.
– تقول كاتبة المقال، على سبيل المثال، جزء من عملي مع الشركات الكبيرة أن أساعد القادة على مسح الأسئلة التي يطرحها موظفوهم على بعضهم بعضاً، وتحليل تفاعلات المجموعة داخل الشركة. ويساعد هذا القادة على تحديد المشكلات المهمة وحشد الأفراد الذين يحتاجون إلى حلها.
4- التساؤل يدفعنا إلى اتخاذ قرارات مهمة
– إن مقارنة الأسئلة بالأحلام، هي طريقة شتراوس لقول إن الأسئلة هي أداة مهمة لفهم العقل الباطن للشخص الذي يطرح الأسئلة.
– قد يكون من الصعب للغاية فهم الأسباب التي تجعل الموظفين يفكرون بطريقة ما محددة، ومساعدتهم لتغيير طريقة تفكيرهم وسلوكهم. وتساعد الأسئلة القادة على فهم الثقافة والعادات الموجودة داخل شركاتهم.
– ويبدو القادة مرتبكين عندما أطلب منهم طرح أسئلة في بداية حديثي لأنهم لم يعتادوا اتخاذ قرارات بدون وجود معلومات جديدة. لكن حثهم على صياغة أسئلة في البداية ينشط تفكيرهم قبل الاستماع إليَّ.
– إن تغيير ثقافة الشركة لن يحدث عبر إخبار الموظفين ما يتوجب عليهم فعله، بل مساعدتهم على طرح الأسئلة بأنفسهم والتساؤل أيضاً بشأن سلوكهم الحالي في المؤسسة.
– فعبر إتاحة المجال أمامهم لطرح الأسئلة وتفعيل مشاركتهم ورؤاهم، يمكن للقادة ضمان أن الزملاء والموظفين وغيرهم من المساهمين متحمسون لتبني المبادرات الجديدة والالتزام بتنفيذها.
5- لا أسئلة لا تغيير
– قد يبدو إفساح المجال أمام الآخرين لطرح الأسئلة أمراً سهلاً. لكنه ليس كذلك. فلا توجد ضمانة أن الأشخاص سيتمكنون من تحويل ارتباكهم إلى فضول.
– يقول الفيلسوف الألماني هانز جورج جادامر في كتابه الحقيقة والمنهج Truth and method: لا يستطيع المرء تكوين خبرة دون الانخراط في نشاط طرح الأسئلة.
– عندما نطرح الأسئلة نكون منفتحين لتلقي المعرفة الجديدة، ومستعدين للتعلم. لذا يجب أن يثق القادة، الراغبون في مساعدة موظفيهم على التعلم وتطوير حلول جديدة للمشكلات التي يواجهونها بأنفسهم، في الشعار الذي يقول: لا أسئلة، لا تغيير.
6- الأسئلة تبني الشبكات الاجتماعية
– إن الثقة في عملية طرح الأسئلة والاستماع إلى أسئلة الآخرين تدفعنا أيضاً إلى التفكير في التساؤل باعتباره جزءاً من عملية اجتماعية. فنحن نطرح أسئلة كي نفهم أنفسنا والآخرين حولنا بطريقة أفضل.
– ينبغي أن يفكر القادة في توقيت طرح الأسئلة، والغرض من طرحها. إن اتخاذ قرار بشأن من لديه الحق في طرح الأسئلة ومن لا يمتلك هذا الحق في سياق معين يعد طريقة قوية لتوزيع المسؤوليات.
– والسؤال المطروح هنا هو: كيف يمكن استخدام هذه القوة بطريقة جيدة لتمكين الجميع وجعلهم يتحملون مسؤولياتهم في السياق المحدد لهم
دروس من جزيرة صغيرة .. كيف تسعى موريشيوس لأن تصبح سنغافورة إفريقيا
موريشيوس جزيرة تقع على الساحل الشرقي الجنوبي لإفريقيا تطل على المحيط الهندي يقطنها نحو 1.25 مليون نسمة كان من الممكن أن تستسلم لقدرها وتصبح مجرد وجهة سياحية للأجانب بمياهها الصافية وشواطئها الجذابة ومنتج تقليدي للسكر والنسيج، لكنها أبت إلا أن تسعى لأن تصبح مركزا تجاريا واستثماريا للمستثمرين العالميين الذين يبحثون عن قاعدة في إفريقيا تماما مثل الدور الذي قامت به سنغافورة عندما انفتح اقتصاد الصين.
تسعى موريشيوس وراء رؤية طموحة، فهي من ناحية تتجهز بالموانئ والبنوك الخاصة التي تخدم النخبة الإفريقية والتي تقوم بدور مهم لخطط تنمية الجزيرة مثلها مثل المعاهدات الضريبية ومزارع السكر التي تخدم الاقتصاد القديم لها.
بلد مرتفع الدخل
استطاعت موريشيوس أن تحقق نموا اقتصاديا ملحوظا منذ استقلالها، وتمكنت من تحويل اقتصادها من الاعتماد على الزراعة إلى بلد مرتفع الدخل، لكن تبعات جائحة كوفيد دفعتها مرة أخرى إلى قائمة البلدان متوسطة الدخل.
وزاد الدخل السنوي للفرد إلى 12.500 ألف دولار للفرد وهي معجزة اقتصادية للجزيرة التي نالت استقلالها في عام 1968 وكان اقتصادها يعتمد على إنتاج محصول واحد فقط وهو السكر بمتوسط دخل للفرد يبلغ نحو 200 دولار.
وفي نصف قرن فحسب استطاعت موريشيوس تنويع اقتصادها وتسلقت سلسلة القيمة عبر التحول إلى المنسوجات والتصنيع والسياحة والخدمات المصرفية والمالية.
تبنت الحكومة نظرة انفتاح على الخارج مع التركيز على الصادرات مما قاد إلى تنويع الاقتصاد، كما أن القطاعات الناشئة مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعقارات والأغذية البحرية تساهم في استدامة النمو الاقتصادي.
في ذروته في عام 2000، شكل التصنيع أكثر من 21% من الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة ومنذ ذلك الحين انخفضت تلك النسبة إلى النصف عند 10.7% وفقا للبنك الدولي وذلك بسبب توسع الصناعات الأخرى وعلى رأسها الخدمات المالية.
يقول فيناي انشاراز وهو مستشار اقتصادي وخبير في التصنيع عندما تنظر إلى بلدان أخرى مثل سنغافورة وماليزيا وتايلاند، فقد بدأوا أيضا بالمنسوجات لكنهم انتقلوا إلى منتجات ذات قيمة مضافة أعلى ومجموعة أكثر تنوعا بما في ذلك الإلكترونيات.
على مدى ثلاثة عقود أيضا سعت موريشيوس لخفض الضرائب في البلاد لكي تصبح وجهة مفضلة للشركات العالمية التي تستثمر في إفريقيا وآسيا وعلى وجه الخصوص الهند. ومع ذلك في السنوات الخمس الماضية، أجرت إصلاحا شاملا لقوانين الضرائب ونظرا لقلقها من ضغوط الجهات التنظيمية العالمية التي تطالب بمزيد من التدقيق في لمراكز الأوفشور، تخلت موريشيوس عن بعض مكونات نظامها الضريبي السابق.
في الواقع فإنها عكفت على عكس صورتها كملاذ ضريبي، ففي أكتوبر دعمت اتفاقية دولية لتطبيق حد أدنى عالمي لمعدل الضريبة الفعلية على الشركات وإجبار الشركات متعددة الجنسيات على الإفصاح عن أرباحها وسداد المزيد من الضرائب في البلدان التي تمارس فيها أنشطتها.
وفي أكتوبر أيضا، قامت مجموعة العمل المالي (فاتف) وهي هيئة مراقبة عالمية معنية بمكافحة غسل الأموال بإزالة اسم موريشيوس من قائمة الدول الخاضعة للمراقبة المتزايدة. وفي يناير، قام الاتحاد الأوروبي بالمثل بإزالة اسم الجزيرة من قائمته للبلدان التي تحتاج إلى مراقبة دقيقة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يقول قادة البلد الصغير إنهم يسعون لأن يكون جسرا بين إفريقيا وآسيا. وبالفعل استطاعت موريشيوس أن ترسخ صورتها كمركز للأعمال والاستثمار المفضل عبر الحدود لإفريقيا كونها تتمتع بواحد من أكثر الاقتصاديات ديناميكية في القارة.
ويتجه الاقتصاد ككل نحو الابتكار والتكنولوجيا والقطاعات القائمة على المعرفة، بما في ذلك الأنشطة التجارية الزراعية فائقة التكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات اللوجيستية، وأنشطة التعهيد. يساهم التصنيع الموجه للتصدير بقدر كبير في الناتج المحلي الإجمالي، كما يسعى لتطوير سلسلة القيمة عبر الاعتماد على تقنيات جديدة في صناعات الملابس والسكر والعديد من الصناعات الأخرى.
مع تغطية أزيد من 90% من البلاد بشبكة إنترنت عالية السرعة، فإن موريشيوس تقول إنها في وضع جيد لتعزيز الابتكار الاقتصادي. لكن الحكومة تمضي إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال الاستثمار في مبادرة موريشيوس الرقيمة. إذ يقول وزير تكنولوجيا المعلومات إن بلاده لديها استراتيجيات شاملة للرقمنة تغطي الحكومة والمجتمع والذكاء الصناعي.
الاستفادة من الاتفاقيات
بين عامي 2015 و2019، زاد الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمعدل 3.8% سنويا، كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر إليها ارتفع إلى 472 مليون دولار في 2019 مقارنة مع 372 مليون دولار في العام السابق.
يرى مراقبون أن موقع موريشيوس على المحيط الهندي بين البر الرئيسي لإفريقيا وآسيا يلعب دورا في تميزها، كما أنها استفادت من شبكة واسعة من اتفاقات منع الازدواج الضريبي والتجارة الحرة والتي تشمل عضوية التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
سعت قيادة البلاد إلى إجراء إصلاحات تهدف للحفاظ على مكانة البلاد كرائد في تيسير الأعمال عبر التكيف السريع مع التغيرات في البيئة العالمية.
تتمتع أيضا موريشيوس بالاستقرار المالي، إذ يشرف على نظامها المالي بنك مركزي يتبع معايير عالمية المستوى. يتبنى قطاع الخدمات المالية التكنولوجيا المالية بشكل واسع النطاق ويتم اتخاذ تدابير لتشجيع هذا القطاع. إذ يتم تطوير إطار عمل للخدمات المصرفية الرقيمة وإنشاء أنظمة تراخيص لأمناء الأصول الرقمية. يقول ديباك بالجوبين وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار على عكس معظم البلدان، نقدم تراخيص لاختبار منتجات التكنولوجيا المالية الجديدة.
وبينما تتجه موريشيوس نحو تحقيق ذاتها كدولة ذات دخل مرتفع فإنها تتجه صوب تنمية شاملة للتأكد من عدم وجود فقر مطلق وتحقيق مساواة شاملة.
تقدم في المؤشرات العالمية
حافظت موريشيوس باستمرار على مكانتها ضمن البلدان الأفضل أداء في المؤشرات العالمية مثل مؤشر الحوكمة الإفريقي الذي احتلت فيه المركز الأول بين 54 دولة إفريقية، كما احتلت قمة مؤشر تقرير التنمية البشرية الإفريقي بينما احتلت المركز 63 على المستوى العالمي وسجلت أداء أعلى بكثير من المتوسط الإفريقي العام.
تشتهر البلاد بتصدرها تصنيف البنك الدولي باعتبارها أسهل دولة إفريقية يمكن ممارسة الأعمال فيها، وعلى المستوى العالمي نالت في آخر تقرير لتسهيل ممارسة الأعمال الذي أصدره البنك تصنيفا عند رقم 13 بين نحو 190 اقتصادا يقوم البنك بتصنيفها. ويصنفها بنك التنمية الإفريقي على أنها الأكثر قدرة على المنافسة في القارة.
الجدير بالذكر أيضا أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني قالت إن موريشيوس احتفظت بتصنيف ائتماني عند درجة جديرة بالاستثمار (Baa3) في ظل انخفاض حاد في النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع التضخم.
وقالت إن الجزيرة هي المركز المالي العالمي الوحيد في إفريقيا الذي احتفظ بدرجة تصنيف استثمارية وهي دولة واحدة من دولتين فقط في إفريقيا تحتفظان بذلك التصنيف.
وقالت إن النظرة المستقبلية المستقرة للجزيرة تعكس التوقعات بأن التقييم الائتماني لموريشيوس سيظل يتماشى مع التصنيف السيادي لها وإن المقاييس العامة المالية وتلك الخاصة بالدين ستواصل التحسن.
ووفقا لموديز فإن الحجم الكبير للاحتياطيات الدولية لموريشيوس يحد من مخاطر الضعف الخارجية على الرغم من ارتفاع عجز ميزان المعاملات الجارية كما يوفر جدار حماية في مواجهة ارتفاع أسعار الواردات.
في العام الجاري على سبيل المثال يتوقع صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد موريشيوس 6.1% من 4% فقط في العام الماضي.
هل يمكن أن يكون الركود الاقتصادي فرصة لبعض الشركات للازدهار
طالما كان التغيير الكبير في بيئة الأعمال جالبًا للفرص، وحتى الركود الذي يقلل من مبيعات معظم الشركات، يوفر فرصًا لعدد ضئيل من الشركات للتوسع.
ووسط توقعات بدء الركود في أواخر عام 2023 وأوائل 2024، يجب ألا يشمل تخطيط الشركات للركود أن يركز على الاستمرار فحسب، بل أيضًا الازدهار في أعقاب الانكماش الاقتصادي.
لذا ينبغي على قادة الشركات تحديد فرصهم للنمو في بداية عملية التخطيط للركود، وبعد ذلك، أثناء عملهم من خلال التخفيضات المحتملة في النفقات يمكنهم أن يضعوا في اعتبارهم الإمكانات الصعودية التي يرغبون في استيعابها في المراحل الأخيرة من الركود.
استراتيجيات قد تفيد أصحاب الأعمال أثناء التخطيط في فترة الركود |
|
1- زيادة الحصة السوقية |
– زيادة الحصة السوقية هدف يمكن تحقيقه في فترة الركود من خلال تكوين الشركة لمخزون أكبر من منافسيها، وهذا يناقض الاستراتيجية المعتادة للتعامل مع الركود من خلال خفض المخزون. – على سبيل المثال دخلت شركة لتوزيع المثبتات (المسامير والصواميل وغيرها) بأريزونا فترة الانكماش بأموال جيدة، وكان عملاؤها في قطاعات اقتصادية دورية للغاية: البناء والتصنيع، لذا عرفت الشركة أن مبيعاتها ستنخفض في فترة الانكماش الاقتصادي. – لكنها علمت أيضًا أن سلعها لن تصبح عتيقة الطراز، لذلك حافظت على مخزون كافٍ، وعندما اتصل المشترون بشركات أخرى وعلموا أن المنتجات والأحجام المحددة التي يحتاجونها كانت غير متوفرة، كانت هذه الشركة تمتلك البضائع اللازمة. – وفي المرة التالية التي كان فيها المشترون مستعدين للطلب، تواصلوا مع هذه الشركة أولاً، وكان لدى هذا الموزع مجموعة أكبر من العملاء المخلصين في نهاية الركود مقارنة بالبداية.
|
2- تحسين خدمة العملاء |
– عمل الشركة على تحسين خدمة العملاء وجهود المبيعات حتى أثناء فترة الركود هو فرصة أخرى للازدهار في نهاية الانكماش الاقتصادي. – على سبيل المثال، قلصت إحدى الشركات عدد موظفي مبيعات الإعلانات بشكل كبير لدرجة أن الممثلين الباقين كانوا ببساطة متلقين أوامر، حيث لم يتم إجراء مكالمات مبيعات صادرة. – وعندما انتهى الركود، كانت الشركة في وضع غير مؤات لأن العملاء السابقين قاموا بتحويل الإعلانات إلى الشركات التي أجرت مكالمات مبيعات.
|
3- الحصول على معدات أفضل |
– إن الحصول على معدات أفضل في فترة الركود يمكن أن يدفع الشركة إلى الأمام في فترة الانتعاش، فقد استفادت شركة الطيران منخفضة التكلفة إير تران (التي أصبحت حاليًا جزءًا من ثاوث ويست إيرلاينز) من ركود عام 2001 وإغلاق السفر الجوي في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. – اشترت الشركة طائرات حديثة كانت أكثر كفاءة في استهلاك الوقود من أسطولها القديم كما كانت تكلفة صيانتها أقل، واستطاعت شراء بعض الطائرات المستعملة المعروضة للبيع، كما تمكنت من الحصول على طائرات أخرى جديدة تمامًا، كان تراجع المشترين عن عملية شرائها بسبب الأزمة. – وعندما انتعشت الحركة الجوية، كان لدى إير تران ميزة تكلفة مقارنة بمعظم منافسيها.
|
4- تحسين المواقع |
– بالإضافة إلى شراء المعدات، قد تستخدم الشركات الركود لتحسين مواقعها من أجل الازدهار بشكل أفضل خلال فترة الانتعاش الاقتصادي. – لأنه في فترات التراجع الاقتصادي تصبح المواقع الفخمة شاغرة، وتنخفض إيجاراتها.
|
5- انتقاء المواهب |
– العام الذي يسبق الركود – والذي ربما يكون العام الحالي – هو الوقت المناسب لاختيار الأشخاص الموهوبين لتوظيفهم. – ففي سوق العمل الضيق، تتردد العديد من الشركات في تقديم رواتب عالية، ويكون جزء من المشكلة هو التكلفة الفعلية المرتفعة للموظفين الجدد. – لذا فإن استراتيجية اكتساب المواهب الرائعة تتمثل في استخدام فترة ما قبل الركود لتحديد المواهب، وبدلاً من تقديم أجر مرتفع خلال فترة الازدهار لجذبهم للعمل، يمكن للشركات الانتظار لتقديم أجر معتدل عندما تواجه الشركات التي تعمل فيها المواهب حاليًا مشكلة، وتضطر إلى تقليل المكافآت وتسريح بعض الأشخاص الجيدين.
|
المصدر: فوربس
صراع المعروض والجودة .. مزاج متقلب للقهوة بالأسواق العالمية
تشهد أسواق البن العالمية تقلبات جمة خلال العام الجاري مع تراجع أسعار العقود المستقبلية للسلعة الشهيرة بنحو الثلث على مدار تعاملات العام بعد أداء قوي في مطلع العام وملامسة الأسعار لأعلى مستوياتها في نحو عقد من الزمن في وقت تضرر فيه المنتجون من تعطل سلاسل الإمداد العالمية.
وتراجعت أسعار العقود الآجلة لحبوب القهوة الأميركية بنحو 30% منذ مطلع العام الجاري بحسب بيانات ريفنتيف، في وقت تبقى توقعات بعدم توازن العرض والطلب في ظل موسم قوي للأمطار في البرازيل أكبر منتج للسلعة بالعالم من شأنه أن يزيد المعروض ويضغط على المنتجين.
ويقول محللون إن ارتفاع مخزونات القهوة يعني أوقاتا صعبة لصغار المزارعين في وقت تضرر فيه المستهلك النهائي من ارتفاع الأسعار على مدار الشهور الماضية بفعل موجة التضخم القياسية التي دفعت سعر كوب القهوة للضعف في معظم بلدان العالم.
معضلة العرض والطلب
يُنظر إلى سوق القهوة العالمية على نطاق واسع إلى أنه مثال حي على تضرر الأسواق من أي زيادة متوقعة في المعروض بفعل المحصول الوفير في كبار الدول المنتجة حول العالم والتي تلبي الطلب على السلعة الأكثر رواجا فيما تظل المخاوف المرتبطة بتعطل سلاسل الإمداد العالمية عاملا هاما في مستقبل السلعة..
ويقول المدير الفخري لمنظمة القهوة الأميركية إيريك رينهارت لـ أرقام إن معضلة العرض والطلب تبقى أحد العوامل التي تضغط بقوة على الأسعار ففي الوقت الذي تعني فيه زيادة الإنتاج تراجعا في الأسعار، فإن هذا التراجع من شأنه أن يمثل المزيد من الضغوط على صغار المزارعين.
وتتوقع فيتنام وهي أكبر منتج لقهوة روبوستا بالعالم زيادة في الصادرات العام المقبل بعد أن وصلت لذروة 4 أعوام خلال الموسم المنتهي في 30 سبتمبر الماضي، فيما تتوقع البرازيل وهي أكبر منتج للسلعة بالعام تراجعاً طفيفاً في حجم الإنتاج.
وتعد البرازيل أكبر دولة منتجة لحبوب البن في العالم وتمثل نحو 30٪ من جميع الإمدادات العالمية، وتأتي في المرتبة الثانية فيتنام بنسبة 17٪ من الإمدادات.
وحوالي 70٪ من القهوة البرازيلية هي من أنواع أرابيكا باهظة الثمن، وتستخدم في تصنيع القهوة الطازجة، أما الـ30% المتبقية فهي من نوع روبوستا، والتي تستخدم بشكل أساسي لصنع القهوة سريعة الذوبان.
وفي تلك الأثناء، توقعت المديرة التنفيذية لمنظمة القهوة العالمية ارتفاع الاستهلاك العالمي 1% إلى 2% سنويًا حتى نهاية العقد، مشيرة إلى أنه هناك حاجة لحوالي 25 مليون كيس إضافي بوزن 60 كجم خلال السنوات الثماني المقبلة .
ويتابع رينهارت كل هذا الغموض بشأن مستقبل المعروض يجعل الأسعار في تأرجح مستمر.
ازدهار المزادات
وبينما يبقى مستوى الأسعار المستقبلية يكتنفه الكثير من الغموض، فإن هناك نشاطا يزدهر على نحو مطرد في أسواق القهوة العالمية وهو المزادات التي باتت محط أنظار الكثير من عشاق السلعة حول العالم.
ويقول المدير التنفيذي لاتحاد القهوة الممتازة، وهو منظمة غير ربحية بالولايات المتحدة، دارين دانيال لـ أرقام تلك المزادات لطالما كانت المتنفس لصغار المزارعين لتحقيق أرباح استثنائية تعويضا عن الخسائر التي تكبدونها في وقت تراجع الأسعار.
وتشير بيانات منظمة القهوة العالمية إلى أن أول وأشهر مزاد على الإطلاق انطلق من البرازيل بالعام 1999 والذي يحصل الفائز من خلاله علي لقب كوب الامتياز في وقت بدأت فيه تلك المزادات في الانتشار على نحو مطرد في بقية الدول المنتجة.
والشهر الماضي، بيعت سبعة باوندات من بن إليدا غيشا في بنما مقابل 6000 دولار في مزاد خاص تكالب على شرائها نخبة من الأثرياء الذين تمثل القهوة لهم شغفا يوميا.
ويأتي بن إلدا غيشا من مزرعة صغيرة في بنما، وقد تعاقبت أربعة أجيال من أسرة لاماستوس الشهيرة في عالم القهوة على إدارة المزرعة وينسب الاسم الأول لهذا البن إلى إليدا الجدة التي رعت المزرعة وتحملت بمفردها عبء الأسرة بعد فقد زوجها في عمر مبكر.
ويتابع دانيال نشاط المزادات ازدهر على نحو خاص في فترة الركود خلال التسعينيات من القرن الماضي ويمثل الأمر فرصة جيدة للمنتجين والمستهلكين نحو تحسين الجودة.
سلاسل الإمداد وتغير المناخ
وتتعرض القهوة أيضا للمخاوف المتعلقة باضطرابات سلاسل الإمداد العالمية التي قد تضغط على الأسعار، بالإضافة إلى تغيرات المناخ التي تمثل تهديدا لبعض الأنواع.
وسلط بنك الاستثمار العالمي جولدمان ساكس الضوء علي الأمر في حلقة نقاشية مع كبار المصدرين في البرازيل والتي تعد المنتج الأول للبن عالميا والذي حذر من أن اضطرابات سلاسل الإمداد سينجم عنها نقصاً بالمعروض على مدار الأعوام المقبلة.
وقال كارلوس أوجست، رئيس اتحاد مصدري القهوة إن هناك أنواعا بعينها تتعرض للخطورة ومن بن قهوة جافا الشهيرة في إندونيسيا الذي يتراجع إنتاجه سنويا على نحو مطرد.
وأُطلق اسم قهوة جافا الإندونيسية على لغة جافا التي تستخدمها غالبية الأجهزة الإلكترونية مع استهلاك كميات ضخمة منها أثناء العمل وهي أيضا التي انحدرت منها باكورة مبيعات بذور القهوة عبر التاريخ وبالتحديد عام 1696.
وفي مذكرة بحثية مستقلة، حذرت وحدة أبحاث السلع التابعة لوكالة فيتش من أن الطلب من الممكن أن يتراجع بفعل الركود الاقتصادي العالمي، ولكن تظل الأسعار في اتجاه صاعد ونقص متوقع في الإنتاج.
التَنَوُّع والشمول وإنهاء الاستعمار الفكري .. ما الأدوات اللازمة لتحسين عملية التدريس والبحث والمنح الدراسية
في هذا الكتاب يجمع المؤلفون- آبي داي ولويس لي وديف توماس وجيمس سبيكارد- الأكاديميين من جميع أنحاء العالم لاستكشاف الإجراءات الملموسة التي يمكنهم اتخاذها لتعزيز التنوع والشمول وإنهاء الاستعمار الفكري.
تروي إيلين فرانك ديلجادو -كاتبة هذا المقال- كيف أنها دُعيت خلال السنوات القليلة الماضية إلى عدد لا يحصى من الندوات والمحادثات وعروض الأفلام ونوادي الكتب، وهي مفعمة بالأمل بأن الأوساط الأكاديمية على شفا التغيير.
– أكدت إيلين على أن هناك أشخاصًا داخل الأكاديمية يهتمون بهذه القضايا ومستعدون لتجاوز متطلبات وظيفتهم لإحداث تحول هادف، ولكنها سرعان ما تُصاب بالإحباط. حيث إن أولئك الأكاديميين -رغم نبوغهم وتحمسهم- يفتقرون إلى أي إجراءات جوهرية حقيقية للتغيير على المدى الطويل.
– وهذا هو السبب في أن هناك حاجة ماسة لهذا الكتاب. فبالإضافة إلى عنوانه الجذاب، فإن الأدوات العملية التي يزخر بها الكتاب جعلت الكاتبة تُقبل على قراءته في نهم وكلها تفاؤل.
– ينقسم الكتاب إلى 4 محاور رئيسية، وهي تغيير الجامعات نفسها، وتنويع المناهج، وتنويع البحث والمنح الدراسية، وإنهاء الاستعمار الفكري.
– في البداية يشرح هذا الكتاب، كيف أن التعليم منتج أمريكي وأوروبي يشتريه المستهلكون من الطلاب:
ثمانية من البلدان العشرة الأولى التي ترسل معظم الطلاب الدوليين إلى جامعات المملكة المتحدة هي مستعمرات سابقة. (لين ما، ص 49)
– يوضح هذا الاقتباس كيف أن الشمال العالمي يخنق عملية إنتاج المعرفة، حتى مع تزايد أعداد المستهلكين الذين يأتون من جنوب الكرة الأرضية.
– في المجتمع الرأسمالي النيوليبرالي، تسوّق الجامعات التعليم على أنه منتج نخبوي. ومعظم الأكاديميين في جامعات المملكة المتحدة على دراية بفكرة الطالب المُدر للأموال، حيث يُنظر إلى الرسوم الطلابية الدولية المرتفعة بشكل غير مُبرر على أنها مقومات التمويل الجامعي.
– هذا المنتج التعليمي النخبوي محدود بدرجة أكبر بسبب احتكار القلة للنشر الأكاديمي. ولكن نظرًا لأن مستهلكي تعليم النخبة أصبحوا أكثر عالمية وتنوعًا، يزداد الانفصال عن القلة الذين ينتجون المعرفة ويخزنونها. وهذا يطرح السؤال عما إذا كان يمكن تحرير الجامعات من الرأسمالية الليبرالية الجديدة وأنظمة ما بعد الاستعمار التي تبقيها على قيد الحياة.
– يركز الموضوع الثاني للكتاب على عنف إنتاج المعرفة: من نقص هياكل المعرفة التعددية، والاعتماد المفرط على القواعد المقرَّرة وتخليد الاضطهاد.
– فمن ناحية، يجب على الأوساط الأكاديمية، وخاصة في الدورات التمهيدية في العالم الشمالي، تدريس القاعدة المقرَّرة لمجال معين. ولكن بقيامها بذلك، تتورط الأوساط الأكاديمية في إبادة النمط المعرفي (Epistemicide) من خلال تحديد من هم السلطة في مجال ما.
– وبالتالي، فإن وضع المناهج يقتل أنظمة المعرفة. إنهم يضعونها بحيث تتعدى على الأسس المحايدة والجديرة بالثقة للأدب الأكاديمي.
– غالبًا ما يتم إعادة صياغة أعمال أولئك الذين لا يعتبرون سلطة، وخاصة أولئك الذين يتعاملون مع الصورة والشعر والصوت والرمز على أنها مجرد خرافة أو سحر أو تقليد ما.
– رغم أن إبادة النمط المعرفي هذا لا يشمل أعمالًا مثل الإبادة الجماعية أو الحرق الدرامي للأدب، إلا أنه مع ذلك يتسم بالعنف. ينمو هذا العنف في الأكاديمية تمامًا كما تتزايد الفصول الدراسية كمساحة لإنتاج المعرفة.
– لمواجهة هذا الأمر، يجب على الأكاديميين الأوروبيين الأمريكيين تقدير الفكر الجنوبي بغض النظر عن صعوبة تطبيقه في الشمال. وكذلك إعادة تعريف ماهية القواعد المقرَّرة، ومعالجة القيود المتحيزة للأدب الأكاديمي وتعزيز هياكل المعرفة التعددية خارج تقاليد المنهج العلمي من خلال مجتمعات الممارسة.
– من الواضح أن هذا الكتاب لا يتضمن دليلاً سهلًا من عشر خطوات ليتبعه الأكاديميون. ولكن ربما تكون نقطة البداية المناسبة هي توضيح ما هو المقصود بالضبط من التنويع والترويج للاندماج في أكاديمية تم إنهاء الاستعمار الفكري فيها.
– من المثير للاهتمام، أن الأوساط الأكاديمية ككل تفتقر إلى تعريف متفق عليه للإدماج، حيث يعرّفها البعض على أنها مشاركة ومساهمة، والبعض الآخر على أنها مشاعر التفرد والانتماء.
– في بعض الأحيان، يبدو الأمر كما لو أن المتعاونين لديهم أيضًا تعريفات مختلفة في هذا الكتاب، مما يطرح السؤال حول كيف يمكننا العمل بشكل تعاوني لتحقيق ما قد نفهمه بشكل مختلف
– يزخر الكتاب بأمثلة وافرة عن كيف يمكن للجامعات أن تقود مسيرة التنوع والشمول. على سبيل المثال، يمكنهم تعيين الطلاب والموظفين من أبعاد متنوعة (العرق، الجنس، حالة الإعاقة، الطبقة، الجنسية، وغيرها).
– يمكنهم أيضًا ضمان تسجيل هؤلاء الطلاب والموظفين ودعمهم للنجاح في الجامعة. يمكن مراجعة المناهج لتكون أكثر شمولاً أيضًا. ومع ذلك، حتى عندما تعمل الجامعات على تعزيز التنوع والشمول، فإنها لا تحقق إنهاء كامل لهياكلها الاستعمارية.
– يُصر بعض المتعاونين في المجموعة على أن إنهاء الاستعمار أمر ممكن. إلا أن إيلين تجد صعوبة في تصديق ذلك، حتى بعد قراءة هذا الكتاب، وتتساءل كيف نخصص، كأكاديميين، أكثر من 40 ساعة أسبوعيًا لتنمية جامعتنا وتفكيكها في وقت واحد
– وتستطرد إيلين بقولها للأسف تتطلب التغييرات الهيكلية طويلة المدى للأكاديمية نفسها إصلاحًا تعاونيًا هائلاً. ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أنه قد يحجم بعض الأكاديميين عن تدمير مؤسساتهم بأيديهم. وبالتالي يبرز السؤال الأهم: هل يمكن للأكاديميين أن يكونوا هم أنفسهم من يقود مسيرة الإصلاح
– وتختتم إيلين المقال بقولها على الرغم من أن هذا الكتاب يعلن عن أدوات عملية لمعالجة إنهاء الاستعمار في الأكاديمية، فربما يكون إنهاؤه من قبل الأكاديميين، للأسف، غير قابل للتصديق.
ما هو التقشف وهل تُعد إجراءاته الاقتصادية مُجدية
يُقصد بإجراءات التقشف مجموعة من السياسات الاقتصادية التي تتضمن عادةً تخفيضات في الإنفاق الحكومي، أو زيادات ضريبية، أو مزيج من الاثنين، وتلجأ الحكومات إلى هذه الخطوات القاسية لتقليل عجز الميزانية وتجنّب أزمة الديون.
– ومع ذلك، غالبًا ما تؤخر الحكومات اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات لأنها بمثابة سياسة مالية انكماشية، كما أنها تبطئ النمو الاقتصادي. وبدلاً من ذلك، تلجأ الحكومات إلى وسائل أخرى؛ مثل تمويل عجز الميزانية بالاقتراض من الأسواق المالية.
– وتتطلب إجراءات التقشف تغييرات في البرامج الحكومية، مثل تحديد شروط استحقاقات البطالة، وتمديد سن الاستحقاق لمزايا التقاعد والرعاية الصحية، وتخفيض أجور ومزايا وساعات عمل موظفي الحكومة.
– وكذلك تشمل أيضًا إصلاحات ضريبية، مثل رفع الضرائب على الدخل وخاصة على الأثرياء، وزيادة ضرائب القيمة المضافة، وأيضًا خصخصة الشركات المملوكة للحكومة، والتي تشمل المرافق والنقل والاتصالات.
لماذا توافق الدول على إجراءات التقشف
– تلجأ البلدان إلى تدابير التقشف لتجنّب أزمة الديون السيادية. وذلك عندما يشعر الدائنون بالقلق من أن الدولة سوف تتخلف عن سداد ديونها. ويحدث ذلك عندما تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أكبر من 77%.
– ووفقًا لدراسة أجراها البنك الدولي، وجدت أنه إذا تم تجاوز هذه النسبة لفترة طويلة من الزمن، فإن ذلك يبطئ النمو الاقتصادي. إذ إن كل نقطة مئوية من الدين فوق هذا المستوى تكلف الدولة 1.7% في النمو الاقتصادي.
– ثم يبدأ الدائنون في المطالبة بأسعار فائدة أعلى لتعويضهم عن المخاطر، مما يعني أن إعادة تمويل ديونها تكلف البلاد أكثر. في مرحلة ما، تلجأ إلى دول أخرى أو صندوق النقد الدولي للحصول على قروض جديدة.
– في مقابل عمليات الإنقاذ، يطلب هؤلاء المقرضون الجدّد تدابير تقشفية. إذ تعيد إجراءات التقشف الثقة في إدارة ميزانية الدولة المقترضة، وتخلق الإصلاحات المقترحة مزيدًا من الكفاءة.
– تجلب خصخصة الصناعات المملوكة للدولة الخبرات الأجنبية. كما يؤدي فرض ضريبة القيمة المضافة إلى تقليل الصادرات بجعلها أكثر تكلفة. وهذا يحمي الصناعات المحلية.
أمثلة لهذه الدول:
اليونان:
– في عام 2014، فرض الاتحاد الأوروبي إجراءات تقشفية أثناء أزمة الديون اليونانية. استهدفت إجراءات التقشف في اليونان الإصلاح الضريبي.
الاتحاد الأوروبي:
– أدت أزمة الديون اليونانية إلى أزمة في منطقة اليورو. استثمرت العديد من البنوك الأوروبية في الشركات اليونانية والديون السيادية.
إيطاليا:
– في عام 2011، رفع رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني رسوم الرعاية الصحية. كما خفض الدعم عن الحكومات الإقليمية، ومزايا ضرائب الأسرة، ومعاشات الأثرياء.
لماذا لا تنجح تدابير التقشف إلا في حالات نادرة
– تؤدي إجراءات التقشف إلى تفاقم الديون وتباطؤ النمو الاقتصادي. في عام 2012، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرًا مفاده أن إجراءات التقشف في منطقة اليورو قد تبطئ النمو الاقتصادي وتزيد من سوء أزمة الديون.
– تعتمد إجراءات التقشف بالأساس على التوقيت. فعندما تكون هناك دولة ما تكافح للخروج من الركود لا يُعد توقيتًا مناسبًا، إذ سيؤدي خفض الإنفاق الحكومي وتسريح العمالة إلى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وزيادة البطالة.
– وبالمثل، فإن رفع الضرائب على الشركات التي تمر بأزمة مالية لن يؤدي إلا إلى المزيد من تسريح العمال. كما أن زيادة ضرائب الدخل ستأخذ أموالاً من جيوب المستهلكين، مما يقلل من إنفاقهم.
– إن أفضل وقت لاتباع إجراءات التقشف هو عندما يكون الاقتصاد في مرحلة التوسع في دورة الأعمال، إذ ستؤدي تخفيضات الإنفاق إلى إبطاء النمو إلى معدل صحي 2٪ -3٪ وتجنّب الفقاعة الاقتصادية، وهو وصف لحالة تحدث عندما تتسبب المضاربة على سلعة ما في تزايد سعرها، بطريقة تؤدي لتزايد المضاربة عليها.
– في الوقت ذاته، سوف يطمئن المستثمرون في الدين العام إلى أن الحكومة مسؤولة مالياً.
ما هو حساب الأرباح والخسائر
يُقصد بحساب الأرباح والخسائر الحساب الختامي الذي تعدّه جميع الشركات لتحديد صافي أعمال الشركة، سواء كانت ربحاً أم خسارة خلال فترة محدّدة.
يساعد هذا الحساب -والمعروف أيضًا ببيان الدخل- على فهم أسباب ربحية الشركة من خلال تصنيف الإيرادات والمصروفات.
على سبيل المثال، يمكنك معرفة ما إذا كانت الشركة تنفق أكثر مما تكسبه على الإنتاج. وأيضًا عرض الأرباح التشغيلية بشكل منفصل عن تكلفة التمويل والضرائب.
مثال لحساب الأرباح والخسائر للربع السنوي الثالث لإحدى الشركات:
مثال لحساب الأرباح والخسائر للربع السنوي الثالث لإحدى الشركات: |
|
الإيراد الكلّي |
500,000 دولار |
تكلفة البضاعة المباعة |
100,000 دولار |
الربح الإِجْمَالِي |
400,000 دولار |
|
|
مَصْرُوفاتُ البَيْعِ والتشغيل |
50,000 دولار |
المَصْرُوفاتُ العامة والإدارية |
30,000 دولار |
إجمالي المَصْرُوفاتُ التشغيلية |
80,000 دولار |
إيرادات التشغيل |
320,000 دولار |
|
|
مَصْرُوفاتُ الفوائد |
25,000 دولار |
صافي الدخل قبل خصم الضرائب |
295,000 دولار |
|
|
مصروف ضريبة الدخل |
103,250 دولار |
صافي الدخل |
191,750 دولار |
ما هي آلية عمل حساب الأرباح والخسائر
– عند اطلاعك على الدخل والمصروفات بالتفصيل، تكتشف الربحية (أو الخسارة). يبدأ الحساب بالإيرادات ثمّ المصروفات التي تؤدي في النهاية إلى ربح أو خسارة المؤسسة.
– إذا كان هناك حاجة إلى أيّ مواد أو أدوات، فعادة ما تندرج هذه التكاليف ضمن تكلفة البضاعة المباعة. وتكون المحصلة هي الربح الإِجْمَالِي. بعد ذلك، يطرح الحساب أي نفقات ضرورية لإدارة الأعمال، مثل كشوف المرتبات والمرافق وتكاليف الصيانة والمصروفات الأخرى، وتكون المُحصلة هي الربح التشغيلي. في هذه المرحلة، يمكنك معرفة مدى فاعلية الشركة في توفير السلع أو الخدمات وتحقيق ربح.
– بالإضافة إلى فهم مدى فاعلية الشركة في تحقيق الربح، من الضروري أيضًا معرفة المحصلة النهائية بعد خصم كل الضرائب وتكاليف الفائدة.
– كذلك؛ إذا اقترضت شركة ما أموالاً، فإن تكاليف الفائدة الزائدة يمكن أن تقضي على أيّ أرباح. من خلال دراسة نفقات الفائدة، يمكنك تقييم ما إذا كانت الشركة تستخدم الديون بحكمة.
بعد طرح كل المصروفات – بما في ذلك تكاليف المدخلات ونفقات التشغيل وتكاليف التمويل والضرائب – تكون المُحصلة هي صافي الدخل.
تحليل حسابات الأرباح والخسائر بمرور الوقت
– إن حساب الأرباح والخسائر هو بمثابة لقطة مثبتة للنتائج المالية لفترة محدّدة. ولكن لن تكون هذه المعلومات مفيدة إذا لم تستوعب الصورة الأكبر. من خلال دراسة كيفية تغير حساب الأرباح والخسائر بمرور الوقت، قد تتمكن من تحديد اتجاهات الربح والخسارة.
– على سبيل المثال، إذا زادت تكلفة البضائع المُباعة بشكل كبير، فقد يشير ذلك إلى انخفاض الربحية في المستقبل؛ وبالتالي، من الضروري النظر إلى كلّ حساب على أنه قطعة ينبغي تجميعها لتكوين الصورة الأكبر.
التقشّف .. تاريخ فكرةٍ خطرةٍ تمثّل إحدى أدوات الرأسماليّة
في مارس عام 2020، حينما كانت الجائحة في مهدها، وقف أندرو كومو حاكم نيويورك في إفادة صحفية يتحدث عن اقتطاع نحو 400 مليون دولار من الإنفاق الصحي لضبط موازنة ولايته رغم مؤشرات لا تخطئها العين على أزمة تخص القطاع بالولاية.
لا نستطيع أن نواصل الإنفاق، لا يوجد لدينا موارد، تلك الكلمات التي نطق بها أحد أهم رجال الساسة في الولاية الأمريكية قوبلت بحالة من الصدمة في الأوساط الشعبية، ولكن خطة كومو لم تكن لذلك العام فقط ولكنها كانت بداية لخفض الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم حتى الآن.
في أكتوبر عام 2019، خرجت مظاهرات صاخبة في العاصمة الشيلية سانتياغو وذلك بعد زيادة حكومية في أسعار المواصلات العامة احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية لملايين الشيليين وهو الأمر الذي لم يجعل السلطات تعدل عن قرارها، فقد كانت تلك الخطوة بمثابة ما تعتقد أنه الخلاص لحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد.
في يوليو عام 2015، صوت نحو 61% من الشعب اليوناني ضد حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي تتضمن إلزام السلطات بخفض الإنفاق الحكومي، ولكن هذا لم يثنِ الحكومة عن الموافقة على حزمة الإنقاذ التي استمرت نحو 3 سنوات واتخذت قرارات صعبة لخفض الأجور والمعاشات وزيادة أسعار الخدمات.
إن كل ما سبق ما هو إلا غيض من فيض من قرارات التقشف التي اتخذتها بعض الحكومات حول العالم والذي يعتبر أكثر الإجراءات الاقتصادية صعوبة في القرن العشرين، مما يجعل هناك حاجة إلى معرفة المزيد عن هذا الإجراء –التقشف-وتاريخ نشأته من خلال قراءة مستفيضة لبعض أهم الكتب التي سلطت الضوء عليه.
النشأة والخطوات الأولى
يستعرض كتاب النظام الرأسمالي… The Capital Order لمؤلفته كلارا ماتيه كيف بدأت الحكومات في تطبيق التقشف على نطاق واسع بعد الحرب العالمية الثانية كخطوة علاجية لبعض الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي مرت بها البلدان في أعقاب الحرب.
يبرز اتجاهان مختلفان في مسألة توقيت التقشف، الاتجاه الأول وهو اتجاه يتبناه صندوق النقد الدولي والذي يرى ضرورة فرض إجراءات التقشف في أوقات الأزمات الاقتصادية من خلال إزاحة عبء التمويل من الحكومات عن كاهلها.
وعادة ما يرى الصندوق أن تلك الإجراءات ينبغي اتخاذها في أوقات الركود الاقتصادي أو ارتفاع نسبة الدين العام إلى حدود خطرة، أو ارتفاع عجز الموازنة العامة أو التعثر عن سداد الديون وهو التوجه الأكبر للتقشف حتى يومنا هذا.
فيما يبرز الكتاب أيضا الاتجاه الآخر للتقشف والذي تبناه جون مينارد كينز مؤسس النظرية الكنزية والذي يرى أن تقشف المالية العامة ينبغي أن يحدث في أوقات توسع الاقتصاد وليس انكماشه، بل إن العلاج الأمثل للركود بالنسبة له يتثمل في زيادة الإنفاق الحكومي.
ويستعرض الكتاب المقارنة بين النماذج المختلفة للتقشف، ففي حالة الركود الاقتصادي والتي لا يكون الأفراد خلالها قادرين على تحمل تداعيات التقشف الاقتصادي، نتيجة لرفع معدلات التضخم، والبطالة، وانخفاض الأجور.
من ناحية أخرى يقود التقشف إلى تخفيض الإنفاق الحكومي وتخفيض استهلاك الأسر مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، واتجاه الأفراد إلى محاولة الادخار.
أما النموذج الكينزي للتقشف فيرى أنه سيجدي نفعا في حالات الطفرات الاقتصادية، حيث يكون لدى الأفراد القدرة على تحمل دفع حجم أكبر من الضرائب وتحمل تخفيض الدعم -بسبب أن الأجور مرتفعة- وهنا سوف يقود التقشف إلى تحقيق وفورات بالمالية العامة.
التقشف بين الفقراء والأغنياء
في كتابه الشهير التقشف…تاريخ فكرة خطرة، يستعرض مارك بليث كيف باءت عديد من نماذج التقشف حول العالم بالفشل وكيف كُتب لعدد قليل من التجارب النجاح في وقت كان فيه التقشف أحد أهم أسلحة البقاء للنظام الرأسمالي.
ويؤكد بليث في كتابه على أن الطبقات الدنيا من الهرم البشري لتوزيع الدخول هي الأكثر عرضة لتبعات إجراءات التقشف، فالطبقات في أعلى الهرم أقل اعتمادا على الخدمات الحكومية كالتعليم والصحة، فيما يعاني أصحاب الدخول المتدنية من الأضرار ما يغذي شعورا بالسخط بين طبقات المجتمع.
ويدلل بليث على الأمر بالتجربة اليابانية في ثلاثينيات القرن الماضي حينما عانى الاقتصاد من أسوأ ركود في تاريخه بسبب سياسات التقشف ما أثار حملة من الغضب الشعبي العارم وحملة اغتيالات ضد الطبقات الغنية.
ويستعرض الكتاب تبعات سياسة التقشف على بعض بلدان أوروبا في مطلع الألفية الجديدة حيث دفعت تلك السياسات إسبانيا واليونان إلى حافة الانهيار الاقتصادي والسياسي وافقار الملايين من الناس في بقية أنحاء أوروبا الجنوبية.
ويستنتج الكتاب أن التقشف ما هو إلا فاتورة تسددها الطبقة الفقيرة، فالأزمات الاقتصادية والمالية دائما ما يقف خلفها قصور في التشريعات والأنظمة القانونية، وفشل المخططين والمسئولين في قمة الهرم البشري ما يعد دليلا دامغا آخر على قسوة النظام الرأسمالي.